4 أعوام على اغتيال النايف والسلطة تحمي الخونة

4 أعوام على اغتيال النايف والسلطة تحمي الخونة

رام الله:

يوافق اليوم (26 شباط/فبراير)، ذكرى اغتيال الشهيد عُمر النايف، الأسير المحرر، والمطارد من قبل الاحتلال لأكثر من عقدين، عقب نجاحه بالفرار من المعتقلات الصهيونيّة.

 

وعمر نايف زايد، ولد عام 1963 م، في بلدة اليامون قضاء مدينة جنين شمال الضفة المحتلة، وانتمى في صغره إلى الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وأصبح فيما بعد أحد قادتها، ونفذ منتصف العام 1986 م، عمليةً فدائيّة، أدت لمقتل مستوطنٍ صهيوني يبلغ (24 عامًا)، وهو "إلياهو عميدي". وقد نفّذ العملية بالاشتراك مع شقيقه "حمزة النايف"، الأسير المحرر، وصديقه سامر المحروم، الأسير في سجون الاحتلال حاليًا.

 

اعتقلت قوات الاحتلال النايف وشقيقه وصديقه، وحوكموا ثلاثتهم، وحصلوا على أحكامٍ بالسجن المؤبّد لكلٍ منهم. وقد لاقى عُمر معاناةٍ صعبة جراء التعذيب الشديد الذي مارسته بحقّه عناصر مخابرات الاحتلال داخل السجون.

 

خاض عُمر إضرابًا مفتوحًا عن الطعام عام 1990، أدى إلى تدهورٍ في وضعه الصحيّ، وبعد 40 يومًا قضاها في معركة الإضراب تم نقله إلى مستشفى فلسطيني في بيت لحم، وقد نجح خلال تواجده بالمستشفى بالهرب، حيث خرج فيما بعد من الأراضي المحتلة.

 

وصل النايف إلى بلغاريا عام 1995، وتزوّج وعاش فيها حياةً طبيعيّة وقد رزق ثلاثة أطفال بالجنسية البلغارية، وحاولت سلطات الاحتلال بشكلٍ مستمرّ المطالبة باعتقاله وتسليمه، بحجّة الاتفاقيات المعقودة مع الاتحاد الأوروبي بشأن تسليم المطلوبين.

 

وفي منتصف ديسمبر عام 2015، قدمت النيابة العسكرية التابعة للاحتلال "الإسرائيلي"، رسميًا وللمرّة الأولى، طلبًا لدى وزارة العدل البلغارية بتسليم "عمر النايف"، وصدر قرارٌ من النيابة العامة البلغارية باعتقاله إلى حين التقرير بشأن وضعه.

 

المؤامرة وخيانة السفارة

اضطر عمر للجوء إلى سفارة السلطة الفلسطينيّة في بلغاريا لحمايته، خصوصًا بعد تهديده بالقتل، وحسب ما ورد فيما بعد، أنه تلقى ضغوطاتٍ كبيرة من قبل السفارة الفلسطينية، وقد حيكت المؤامرة ضده من أجل تسليمه، ولم يجد الحماية الكاملة فيها آنذاك.

 

في ذلك الحين، هددت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين السفارة الفلسطينية من إمكانية تسليم النايف للسلطات البلغارية، وقالت "إن عمر لجأ للسفارة الفلسطينية باعتبارها الموقع الطبيعي والوحيد الذي يمكن أن يوفر له ولكل فلسطيني وفلسطينية الحماية القانونية والسياسية".

 

صباح يوم الجمعة 26 فبراير 2016، وُجِدَ النايف مضرجًا بدمائه في ساحة مبنى سفارة السلطة الفلسطينية في بلغاريا، وقد تبيّن وجود ضربات على وجهه وجسده، وقال السفير الفلسطيني في صوفيا حينها، أنّ "النايف وُجد داخل سيارة في السفارة". لا كما نُقلت الرواية الأصلية حسب البلغاريين وزوجته.

 

وقالت حينها بعض المصادر الرسمية الفلسطينية أنّ النايف عُثر عليه مصابًا وقد نُقل حتى توفي في المستشفى، وقد دُعيت زوجته رانيا النايف من قبل السلطات البلغارية، وتم تبليغها أنّ زوجها قد يكون خاض عراكًا قبل مقتله، وذلك لوجود آثار الضرب على جسده.

 

وقد شكّلت السلطة الفلسطينية لجنة تحقيق عاجلة، بأمرٍ من رئيس السلطة محمود عباس. وتوجّهت اللجنة مباشرةً إلى صوفيا لمباشرة دورها، والذي فيما بعد تعطّل بسبب مماطلاتٍ عدّة وعدم جديّتها في العمل الموكل إليها.

 

من جانبها، اتهمت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين جهاز الموساد "الإسرائيلي" بالتدبير لاغتيال عمر النايف، المطلوب لسلطات الاحتلال، ولم تنف أن يكون هناك دورٌ من بعض أفراد السفارة في تدبير العملية والمشاركة فيها.

 

وحمّل بيانٌ للجبهة الشعبية في ذلك الوقت السلطات البلغارية مسؤولية إغلاق ملف القضية استجابة لضغوطات الاحتلال، أو تزوير الحقائق، والتهرب من مسئولياتها في إعداد تقرير طبي شامل عن تفاصيل استشهاد عمر.

 

هذا وقد بقيت قضية النايف بين مماطلة السلطات البلغارية، والسلطة الفلسطينيّة، ودورهما في مساعدة مرتكب الجريمة الأول، الاحتلال، في إخفاءها، مدةً طويلة، حيث لم تُكشف تفاصيلٌ جديدة حول الأمر، ولم يتم التوصل لمرتكبها، إلى حين أعلنت محكمة النقض البلغارية استخراج جثمان النايف لإعادة التحقيق فيه، لاغيةً قرار السلطات البلغارية بأنه "مات منتحرًا".

 

يوم الجمعة 10 يونيو 2016، شُيّع جثمان عمر النايف ووري الثرى في صوفيا، وصدر قرارٌ في ديسمبر/ كانون أول الماضي، بإغلاق ملف التحقيق، من قبل السلطات البلغارية، التي قالت أنّ الحدث يعتبر "انتحارًا" وليس اغتيالًا.

 

ورفضت بلغاريا حينها تسليم زوجة النايف أيّ وثائق أو مستندات تتعلق بقضية عمر، بعد إغلاق الملف.

 

ولا تزال قضية النايف بعد أربعة أعوام كاملة من اغتياله، مشوشّة وغير واضحة، لكن الحقيقة الوحيدة الظاهرة فيها أنّ هناك تواطئًا ثلاثيًا كبيرًا، يجمع السلطة الفلسطينية مع السلطات البلغارية، في مساندة الاحتلال "الإسرائيلي"، وما غاب عن ذلك التشويش، أنّ النايف كان شبحًا يطارد العدو الصهيوني طوال ربع قرن، رغم وجوده في مكانٍ آخر من الأرض بعيدًا عن دولة الاحتلال.

إغلاق