في ذكرى اغتيال زئيفي.. هكذا سلمت السلطة سعدات ورفاقه للاحتلال

في ذكرى اغتيال زئيفي.. هكذا سلمت السلطة سعدات ورفاقه للاحتلال

الضفة الغربية – الشاهد| يحيي الشعب الفلسطيني في هذا اليوم 17 أكتوبر الذكرى الـ 20 لاغتيال الوزير الإسرائيلي المتطرف رحبعام زئيفي على يد مجموعة فدائية من الجبهة الشعبية، في فندق ريجنسي بالقدس المحتلة.

العملية النوعية في تاريخ المقاومة الفلسطينية عام والتي نفذت عام 2001، بسلاح كاتم للصوت جاءت ردًا على اغتيال الأمين العام للجبهة آنذاك أبو علي مصطفى.

إذ نفذت خلية الجبهة الشعبية عملية الاغتيال بعد 40 يوماً على اغتيال أبو علي مصطفى، فقام منفذو العملية حمدي قرعان ومجدي الريماوي وباسل الأسمر بالنزول في فندق ريجنسي والذي كان ينزل فيه زئيفي، وحجزوا غرفة في ذات الفندق ليلاً وبحوزتهما مسدسات كاتمة للصوت.

وفي الصباح اليوم التالي تأكد أحد المنفذين من وجود الوزير زئيفي في مطعم الفندق لتناول الإفطار، ثم كمنوا له بعد صعودهم إلى الطابق الثامن باتجاه غرف رقم 816 وهي الغرفة الذي يقيم بها الهدف، وما أن وصل الوزير الإسرائيلي لغرفته، نادى المنفذان زئيفي بـ (غاندي) فالتفت إليهما وسددوا له خمس طلقات نارية في صدره ورأسه، ليلقى حتفه على الفور، فيما غادر المنفذان فورًا.

بعد العملية البطولية مباشرة، شرعت أجهزة السلطة في ملاحقة سعدات والخلية المنفذة، لتتمكن من اعتقالهم وايداعهم في سجن أريحا سيء السمعة، لتقوم بعد ذلك بتسليمهم لجيش الاحتلال الإسرائيلي في 14 مارس 2006.

تفاصيل الاتفاق

أحد المحامين الذين ترافعوا عن سعدات ورفاقه روى القصة بشكل تفصيلي عن سير الأحداث نقلاً عن الرفيق أحمد سعدات، وهي كالتالي:

فقد طلب توفيق الطيراوي المدير العام لجهاز المخابرات الفلسطينية آنذاك الاجتماع مع أحمد سعدات للتباحث في بعض المسائل التي تخص الشأن الوطني، جرى اللقاء في أحد فنادق رام الله يوم 15 كانون الثاني/يناير 2002، وقبل بدء اللقاء استدعي توفيق الطيراوي إلى مكتب عرفات وحين عاد كان يحمل معه أمر اعتقال أحمد سعدات بتوقيع ياسر عرفات.

اقتيد سعدات إلى مبنى المقاطعة حيث جرى احتجازه في مكتب اللواء نصر يوسف، قائد أحد أجهزة السلطة آنذاك، وبعد أيام نقل سعدات إلى مقر قوات الفرقة السابعة، التي تعرف بحرس الرئيس، حيث أبقي عليه محجوزاً هناك.

وأصدر النائب العام آنذاك خالد القدرة قرار إدانة باعتقال الرفيق سعدات وطالب بالإفراج الفوري عنه، إلا أن الأمر لم ينفذ، واجتاح جيش الاحتلال يوم 29 مارس 2002، مقر المقاطعة وحاصرت مكتب عرفات، والذي نقل إليه سعدات على الفور.

طالب جيش الاحتلال عرفات بتسليم سعدات المحتجز في مكتبه برام الله، وكذلك المناضلين الذين تحصنوا في كنيسة المهد في بيت لحم مقابل الانسحاب من مقر المقاطعة، وأدار تلك المفاوضات كلاً من محمود عباس، محمد دحلان، صائب عريقات، ياسر عبد ربه، محمد رشيد، الأمير عبد الله، عمري شارون، توني بلير.

اتفاق إسرائيلي – بريطاني – أمريكي

حاولت السلطة الفلسطينية، خوفاً من الشارع الفلسطيني، أن تتفق على تسليم الآخرين باستثناء الرفيق أحمد سعدات واللواء فؤاد الشوبكي. إلا أن جيش الاحتلال رفض، وما هي إلا أيام قليلة حتى رضخت السلطة الفلسطينية للقبول بمقترح إسرائيلي تقدمت به بريطانيا والولايات المتحدة لحجز المناضلين بشكل دائم نيابة عن الاحتلال وتم الاتفاق على ما يلي:

أن يتم حجز المناضلين في سجن أريحا، وأن يكون الحجز بشكل دائم، وأن يشرف على الحجز سجانون أميركيون وبريطانيون، وذلك مقابل تحرير حركة عرفات وإنهاء حصار المقاطعة.

وقالت الجبهة الشعبية إن محمد دحلان عرض على سعدات تفاصيل الاتفاق سائلاً رأيه فيه، فرد سعدات بأنه ما دام يعترض على حجزه غير القانوني في الأساس، فكيف سيوافق على استمرار الحجز بموجب الصفقة الجديدة.

نقل أحمد سعدات ورفاقه يوم 1 أيار 2002، بواسطة سيارات تابعة للسفارة الأميركية تحت حراسة بريطانية وأميركية إلى سجن أريحا المركزي حيث وضع في قسم منفصل من السجن تحت إشراف وحراسة بريطانية.

ورفع محامو سعدات دعوى أمام محكمة العدل العليا الفلسطينية، والتي أصدرت قراراً في 3 حزيران/يونيو 2002 يقضي بالإفراج عنه، إلا أنه لم ينفذ كما حدث في قرار النائب العام قبله.

وتبع قرار المحكمة الفلسطينية بالإفراج عن أحمد سعدات تحذير من السجان البريطاني بعدم ترك السجن لأن الإتفاق الموقع بين الأطراف الأربعة لا يجيز ذلك، وكان القنصل البريطاني العام في القدس قد زار السجن وأبلغ أحمد سعدات رسالة مشابهة.

محمود عباس برر لاحقاً، في حديث لإحدى الصحف، قرار حجز أحمد سعدات غير القانوني بقوله إنهم كانوا أمام خيارين إما اقتحام المقاطعة بكل ما ينجم عنه من خسائر، أو توقيع اتفاق الحجز الدائم. واعتبر أبو مازن تلك مساومة مشروعة وناجحة.

يوم التسليم

وفي 14 مارس من عام 2006، وبتواطؤ سلطوي وبريطاني أمريكي واضح، اقتحم جيش الاحتلال سجن أريحا التابع للسلطة الفلسطينية، من أجل اعتقال سعدات ورفاقه،

وداهمت قوات الاحتلال السجن بعد حصار وتدمير جدرانه، وفجأة توقفت عملية التدمير وإطلاق الصواريخ باتجاه السجن، وذلك بعد أن تلقى جيش الاحتلال اتصالاً من قادة السجن تفيد بأن جميع من داخل السجن سيسلمون أنفسهم.

 

وقالت الجبهة إن جريمة الاختطاف تم بتواطؤ سلطوي وبريطاني أمريكي واضح، حيث أقدم الاحتلال وبطريقة غادرة، على اقتحام سجن أريحا التابع للسلطة الفلسطينية، واعتقال سعدات وأعضاء الخلية المنفذة.

وخرج سعدات ورفاقه وأكثر من 280 شخصاً بينهم عناصر من أجهزة السلطة ومقاومين من فصائل فلسطينية عدة خارج السجن، بعد مفاوضات خاضتها إدارة السجن معهم مفادها أن الخيار الأسلم هو تسليم أنفسهم.

إغلاق