الدعوات المتزايدة لدعم السلطة.. محاولة إنعاش للإيفاء بوظيفتها الأمنية

الدعوات المتزايدة لدعم السلطة.. محاولة إنعاش للإيفاء بوظيفتها الأمنية

الضفة الغربية – الشاهد | تزايدت الدعوات المتعاقبة خلال الفترة الأخيرة من مسؤولين إسرائيليين وأمريكيين لدول العالم بضرورة زيادة الدعم المالي للسلطة في ظل ما يٌصور بأنه ضائقة اقتصادية تعيشها.
  
وارتفعت وتيرة هذه الدعوات بعد تولي الرئيس الأمريكي "جو بايدن" مقاليد الحكم في الولايات المتحدة الأمريكية، الذي أرسل بدوره مبعوثه للمنطقة بعد فترة من التجاهل للسلطة ومسؤوليها، لبحث أوضاعها المتدهورة خاصة بعد معركة "سيف القدس" التي خاضتها المقاومة في قطاع غزة، واندلعت مايو الماضي.

وأظهرت هذه المعركة التفافاً جماهيريًا وتأييدًا كبيراً للمقاومة في الشارع الفلسطيني، امتدت في أرجاء الوطن العربي والإسلامي بل تجاوزها لتصل لتعاطف دولي، في الوقت الذي ظهرت فيه السلطة ضعيفة وعاجزة.

وتٌظهر هذه الدعوات الإسرائيلية الأمريكية أهمية دور السلطة الوظيفي الأمني المتمثل في التنسيق الأمني، الذي يمثل الركن الشديد لبقائها واستمرارها، عن طريق دعمها وتعزيز وجودها وإنعاشها بصورة عاجلة اقتصادياً.

قلق أمريكي

وكان نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكي هادي عمرو قال بعد زيارته لرام الله ولقائه برئيس السلطة وزعيم حركة فتح يوليو الماضي: "إن السلطة الفلسطينية تمر في وضع اقتصادي وسياسي صعب وخطير".

وطلب "عمرو" الذي عبر عن قلقه البالغ لوضع السلطة، خلال لقاءات مع مسؤولين إسرائيليين شهر يوليو الماضي، تنفيذ خطوات بهدف تعزيز حكومة السلطة، قائلاً حسب هؤلاء المسؤولين: "لم أر أبدًا السلطة الفلسطينية في وضع سيء لهذه الدرجة".

وأكد المبعوث الأمريكي في محادثاته مع الإسرائيليين على أن الأزمة الاقتصادية في السلطة الفلسطينية والأزمة السياسية الداخلية وغياب شرعية للسلطة بنظر الجمهور الفلسطيني أدى إلى نشوء وضع خطير وغير مستقر.

ووصف عمرو الوضع في السلطة الفلسطينية بأنه "أشبه بغابة جافة تنتظر أحدًا ما كي يشعل النار فيها". وقال للمسؤولين الإسرائيليين إنه "إذا لم يتوفر بحوزة السلطة المال كي تدفع الرواتب، فإن هذا يمكن أن يقود إلى تدهور آخر، وإلى انهيار في نهاية الأمر".

واستعرض عمرو سلسلة خطوات اقتصادية بإمكان "إسرائيل" تنفيذها من أجل تحسين الوضع الاقتصادي في السلطة الفلسطينية بشكل سريع نسبيًا.

دعوات متتالية

وكانت آخر هذه الدعوات لدعم وتعزيز وتقوية السلطة، وجهها وزير الحرب الإسرائيلي "بيني غانتس"، قبل أيام، إلى دول العالم لزيادة دعمها المالي للسلطة الفلسطينية في ظل الضائقة الاقتصادية التي تعيشها.

وقال "غانتس" خلال خطاب مسجل بث في مؤتمر عقد في جامعة كاليفورنيا، إن "الولايات المتحدة وأوروبا ودول الشرق الأوسط الأخرى يجب أن تغتنم الفرص في المنطقة وتستثمر في تحسين حياة الفلسطينيين وتحفيز المشاريع التي تنهض بالاقتصاد الفلسطيني" حسب صحيفة "هآرتس" العبرية.

وأضاف "يجب اتخاذ خطوات تساهم في الأمن والاستقرار والنمو الاقتصادي، وستكون هناك فائدة لكل من إسرائيل والفلسطينيين".

وكانت الصحيفة العبرية ذكرت أن غانتس طلب من الإدارة الأميركية الضغط على الدول العربية والأوروبية من أجل زيادة تقديم الدعم المالي للسلطة الفلسطينية وتحسين الوضع الاقتصادي للسكان الفلسطينيين.

ويتبنى "غانتس" فكرة أنه يجب تعزيز وتقوية السلطة وتنفيذ إجراءات لبناء الثقة، ومن أجل ذلك التقى بعباس أواخر شهر أغسطس الماضي، في مقر المقاطعة برام الله، في لقاء خصص لكسر الجمود في العلاقات بين الطرفين، ومنحت "إسرائيل" بعدها السلطة، جملة من التسهيلات الاقتصادية، وتجاهلت مطالب فلسطينية سياسية وأمنية.

والدعم الاقتصادي وصولاً للسلام الاقتصادي هو العرض الوحيد الذي تؤمن به الحكومة الإسرائيلية الحالية أو القادرة عليه، إذ قال رئيس حكومة الاحتلال "نفتالي بينت": إن "حكومته تعارض بشدة إقامة دولة فلسطينية، وإن إنشاء كيانات شبيهة بالدولة لا ينجح، كما أنه لا يوجد زعيم واحد مهم في المنطقة، يعتقد أنه من الممكن الذهاب حالياً إلى عملية تفاوض للسلام".

وأضاف "بينت" أن "المواضيع التي كانت مطروحة خلال لقاءاته مع قادة في المنطقة، هي وباء كورونا، وإيران والتجارة الإقليمية، وأن الفلسطينيين كانوا مجرد موضوع آخر خلال هذه اللقاءات".

مبادرات لتقوية السلطة

وكانت "إسرائيل" والولايات المتحدة، بحثتا مبادرات اقتصادية واجتماعية لتقوية السلطة التي تعاني من أوضاع مالية صعبة.
وقال وزير الحرب "بيني غانتس" في تغريدة على تويتر قبل عدة شهور: "التقيت هذا الصباح مع القائم بأعمال السفير الأمريكي في إسرائيل مايكل راتني".

وأضاف "ناقشنا أهمية المبادرات الاقتصادية والاجتماعية لتقوية السلطة الفلسطينية، وكذلك إجراءات بناء الثقة لصالح أمن المنطقة".

وتابع غانتس: "في مواجهة التهديدات الأمنية المتزايدة، فإن الرابطة التي لا تتزعزع بين الولايات المتحدة وإسرائيل أمر حيوي، سنواصل العمل معًا لمواجهة التحديات المحلية والإقليمية".

بدورها، قالت صحيفة "هآرتس": إن "اتصالات غير مباشرة تجري من وراء الكواليس بين الحكومات الإسرائيلية والأمريكية والفلسطينية لانتشال السلطة من أزمتها المالية، خاصة مع انخفاض العوائد الضريبية والمساعدات الخارجية وتسارع وتيرة العجز في الموازنة العامة".

وأضافت الصحيفة: "يساور إسرائيل والولايات المتحدة القلق من هذا الوضع، الذي من الممكن أن يلقي بظلاله على الأوضاع الأمنية في المنطقة".

سلسلة تسهيلات إسرائيلية

وقامت الحكومة الإسرائيلية في الفترة الأخيرة، بتنفيذ رزمة تسهيلات مقررة للفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، كجزء من خطة لدعم وتقوية وتعزيز السلطة الفلسطينية.

وقالت "القناة 12" العبرية إن "غانتس" صادق على تنفيذ خطة بناء مساكن جديدة للفلسطينيين الذين يعيشون في المنطقة (ج) في الضفة الغربية، الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية الكاملة، إضافة إلى 1300 وحدة سكنية كان قرر الموافقة عليها سابقاً.

وأضافت "ستقوم إسرائيل أيضاً برفع عدد طلبات لم الشمل للفلسطينيين غير المسجلين، إلى جانب الـ4000 آلاف شخص الذين تم تسجيلهم قبل أسابيع، بالإضافة إلى ترخيص المزيد من محطات الوقود في الضفة الغربية، وتشكيل لجنة لدراسة السماح للسائحين الفلسطينيين بالدخول للداخل".

وحسب التقرير، فإنه تقرر أيضاً إضافة زيادة كبيرة في عدد تصاريح العمل وتوسعتها في قطاعات أخرى، مثل تكنولوجيا المعلومات والخدمات.

ووافقت "إسرائيل" سابقاً على منح الفلسطينيين 15 ألف تصريح عمل إضافي للفلسطينيين، كما أقر "غانتس" تنفيذ نموذج تجريبي لضريبة القيمة المضافة الرقمية ما سيساهم في زيادة أرباح السلطة الفلسطينية.

إغلاق